عن أغنية “أي كلام”

الأغنية دي خدت وقت طويل جداً عشان تتكتب وتتنفذ، يمكن عشان فكرتها كانت صعبة جداً بالنسبة لي..لأن بداية الفكرة أصلاً هي إحساس حزين عند كتير من الناس اللي قابلتهم، أنا مش عايز أفسر أكتر من كده لأني حابب يكون أصل الفكرة مستخبي، الموضوع لوحده محزن ومؤذي نفسياً للناس اللي عندها الشعور ده، وخلينا نسميه: شعور السؤال اللي من غير إجابة.

المهم اكتشفت وأنا عمال أخبي أصل الفكرة وأداريها أكتر وأكتر جوه الكلام، إن الأغنية بقت تمثلني شخصياً وكأني بأغني لنفسي مش عن شعور حد تاني، واكتشفت إن ناس كتير جداً جداً الأغنية بقت بتتكلم عنهم! يااه.. ده طلع الموضوع كبير، وجوانا كلنا أسئلة ما لهاش إجابات، وظروف الواحد بيتحط فيها غصب عنه ومالوش يد فيها ومع ذلك الناس كل ما تشوفه تحاصره بالأسئلة والكلام والهري، وكأن في إيده أي حلول.. ما يعرفوش إنه زيه زيهم بالظبط، قاعد بيحاصر نفسه من جوه بالأسئلة اللي ما لهاش إجابات ومستني.. مستني أي حاجة تحصل تغير الظروف للأحسن، مستني الفرصة.. مستني ربنا يفتح له الباب.

نص تحضيري لأغنية أي كلام.. من الكراسة الخضرا فبراير ٢٠١٣

عن الكلمات:

طبعاً جزء من صعوبة الأغنية إن محمود فاروق في الأيام دي دخل في موود كده ما يعلم بيه إلا ربنا وقرر يبطل كتابة.. وياعم يهديك يرضيك، أبداً.. قفش فجأة كده وقفل موبايله واختفى.. وده طبعاً لأني فقري بطبعي فلازم يحصل لي كل العكوسات اللي في الدنيا.. قال عايز تعمل حاجة بتحبها وعادي كده؟ لأ ازاي لازم يطلع #$##$ اللي @#$#@

المهم الفترة دي عملت رحلة بحث ضخمة محاولاً العثور على ناس تكتب الأغنية، وكلمت صحابي الشعراء زي محمد السيد وحازم ويفي وسامح خيري وغيرهم كتير جداً، لكن للأسف المحاولات كلها في الكتابة ما ظبتتش. وفكرت في فكرة جديدة كده، إني أدور على تويتر وأسأل المتابعين لو حد يعرف حد بيكتب، والحقيقة لقيت ناس كتيرة جداً موهوبة بشكل لا يصدق، ففكرت إني إعمل تمارين صغيرة كده.. منها تكون حاجة شيقة وتحدي ظريف للناس اللي بتحب تكتب، ومنها أقدر أعرف إمكانيات كل واحد..

فبدأت أسجل جملة لحنية معروفة (مش ليا) وأحطها على ساوندكلاود وأقول للناس اللي يقدر يتخيل إيه الفكرة المناسبة للحن ده ويكتب عنها بحيث تبقى متركبة على اللحن مظبوط يبعت لي.. الطريقة دي بيستخدمها أغلب اللي بيكتبوا شعر غنائي، وهي الكتابة على لحن موجود بالفعل، ودي ملكة مش أي حد يعرف يعملها.. محمود فاروق متميز فيها جداً. النتيجة إن التجارب كلها كانت أكتر من رائعة، واتعرفت فيها على شاب موهوب جداً اسمه “مأمون عرفة”.

هتلاقوا التجارب كلها في الكومنتات على اللحن ده جوّه ساوندكلاود (ملحوظة اللحن مش بتاعي دي أغنية تركي معروفة)

كلمت مأمون وطلع من كفر الشيخ ولسه في الجامعة، واتفقنا ينزل القاهرة ويجيلي الاستوديو نفكر مع بعض في الكلمات، وفعلاً بدأ يكتب، وطلع أفكار كتير جداً، بس أنا كنت رخم شوية وكنت عايز الكلام يتكتب بطريقة معينة كده، واحد بيكلم نفسه وفيه أسئلة حائرة، ولوم للذات وبعدين شوية صبر كده على طبطبة.. أغنية معقدة بجد..

قعدنا بتاع شهر كده نكتب ونهدّ ونكتب ونِهدّ.. زهقت الواد ياعيني.. المهم بدأ اليأس يتسرسب إلى أمعائي وقولت خلاص يابني سيبك منها إن شالله ما عنها طلعت ايه هتموت نفسك يعني، خش في الأغاني اللي بعدها.. وفعلاً بدأت أجرب في أغاني تانية زي “ضلمت” و”اسمعني”  و”يالالا” وفصلت تماماً منها.

بعد فترة طويلة لا بأس بها لقيت محمود فاروق بيكلمني تاني وبيقول لي إنه راجع يكتب وخلاص ده كان دور برد وراح لحاله.. طب أعمل فيه إيه ده؟ أحط له السم في صنية المسقعة زي فيلم موعد على العشاء؟  اهو اللي حصل بقى والحمد لله إنه رجع يكتب، وبدأنا نستأنف الكتابة.. ومن ضمنها الأغنية دي.. مأمون كان كتب أجزاء أكتر من رائعة، بس الكوبليهات كانت لسه مش مظبوطة.. يعني ركب شوية من الPuzzle بس كانت الصورة لسه مش كاملة..

نص مبدئي لأغنية أي كلام.. من الكراسة الخضرا أبريل ٢٠١٣

محمود كمل على كلام مأمون أخيراً والأغنية اكتملت بعد معاناة.. وبقي إني أبدأ في توزيع الأغنية وتسجيلها.

آه نسيت أقولكم إني فضلت محتار أسمي الأغنية إيه.. كنت في الأول مسميها “سؤال”، وبعدين قولت “نفس السؤال”… وبعدين قولت هيبقى اسمها “ياريت” .. وبعدين قولت أسميها “أي كلام”.. وبعدين قولت لأ الناس هتعتقد إنها أغنية ألش قبل ما يسمعوها وده غلط.. المفروض اسم الأغنية يوحي لك بصورة ذهنية معينة تكون إلى حد ما قريبة من موود الأغنية.. يعني ما ينفعش أعمل أغنية اسمها “فرحتي” مثلاً وتسمعها تلاقيها أغنية حزينة.. لو كنت سميتها “يا فرحتي” كانت هتبقى أصح في الحالة دي..

قولت أسميها “وأرد بأي كلام” وبعدين لقيت الاسم طويل كده.. هنا بقى وفي الحيرة دي خدت رأي كذا واحد أثق في رأيهم، وأغلبهم قالولي أحسن اسم هو “أي كلام”.. أي نعم الناس هتفتكرها أغنية خفيفة كده بس ده شعور مؤقت لحد ما يسمعوها ويتصدموا يا عيني.. وساعتها اسم الأغنية هيبقى معبر جداً بالنسبة لهم.

عن اللحن:

اللحن في مقام نهاوند الFa، ما فيهوش لعب كتير ولا Escapes، صريح وهادي ومش معقد، لأن الأغنية عبارة عن واحد بيكلم نفسه، مش محتاج فلسفة كتير في رأيي.

جملة “وأرد بأي كلام” اللحنية هي أول حاجة طلعت في اللحن، وبعد كده جت بقيت الجمل بتاعت الكوبليهات والكورس.

ملحوظة: ساعات بيبقى تكوين اللحن عبارة عن جملة رئيسية بتطلع الأول وبتبقى عاملة زي العجينة المكورة دي عند بتوع الفطائر، وبعدين بتقدر تفردها وتطلع منها ألحان تانية.. معلش أنا جعان فالمثال جه معايا كده.

عن التوزيع:

قررت أوزع الأغنية بنفسي من الألف إلى الياء.. لأني بحبها جداً ومتخيل الشكل اللي المفروض تكون عليه كويس أوي.. كان في الأول الآلة الرئيسية هي العود، وبعدين حسيت إنه مالوش علاقة بموود الأغنية، الأغنية إلى حد بعيد عاطفية.. ولقيت إن الأكورديون ممكن يبقى هايل ويوصل الإحساس صح.. أغنية حزينة بس طفولية شوية وهادية، والأكورديون هيطلّع المستمع من موود الاكتئاب الصرف ده وهيعمل مزيج غريب كده.. هتبقى “أغنية حزينة بس لما باسمعها باستريح”.. فاهمنني؟

الجملة الصولو اللي اتلعبت في نص الأغنية عزفها “وائل النجار” باقتدار، وائل في رأيي من أهم وأحسن عازفي الأكورديون في الوطن العربي، ودي مش مبالغة.. اللي عارفينه هيوافقوني رأيي..

سجلت الصولو على تراكين وعملت لهم Panning التراكين بيتلعبوا زي بعض بالظبط لكن في آخر ضلع في الصولو واحد فيهم بيكمل الجملة لحد الركوز تحت، والتاني بيقول نفس الجملة بس Octave أعلى، وحطيت Delay عليهم فبقى للأكوديون Space و Stereo image ظريف. الDelay ده Plugin اسمه H-Delay

خدوا اسمعوا كده وانبسطوا 🙂 أنا عن نفسي بانبسط كل ما تيجي الحتة دي.. بتمثل لي حاجات كتير ما ينفعش أقولها هنا 😀

وبالمرة حابب أسمعكوا حتة جوه التوزيع، فيها كذا Layer هارموني وأعتقد ممكن كتير ما يكونوش خدوا بالهم منه، فبما إني اتحرق دمي في الأغنية دي فحرام الحاجات دي تعدي جوة الأغنية، يارب تعجبكم.
هحط كل Layer واحد واحد فوق بعضه لحد ما الجملة كلها تتبني.. يلا مين جدع يقول لي دي أي جزء من الأغنية؟

الميكس:

هنا عملت الميكس بنفسي، ودي أول أغنية بدأتها في مرحلة ميكس الألبوم، وبعد ما خلصت الميكس ونزلت أسمع في العربية زعلت من نفسي جداً.. ايه العك ده يا حمزة! واضطريت أعيد الميكس من الأول تاني كله لأني خدت الأغنية لحتة تانية غير اللي كنت عايزها للأغنية.. المفروض تكون أغنية حزينة وهادئة والإيقاع فيها شرقي أكتر.. أنا كنت مصدّر الDrums  جداً والأغنية كانت Bright أوي.

الأغنية استخدمت فيها ال Analog Summing Technique وكان لايق عليها عشان إداها Warmth أكتر، الجهاز اللي استخدمته هو Dangerous D-Box

كفاية كده النهاردة وأسيبكم مع الأغنية.. يارب أكون قلت حاجة مفيدة