عن أغنية “يا مظلوم”

أنا فاكر كنت معدي بالعربية في روكسي في أواخر ٢٠١٢ ووقفت عند بتاع الشاورما اللي هناك – مش هقول اسمه هو عارف نفسه كويس – وطلبت أوردر وبعدين وأنا مستني جاتلي فكرة تيمة موسيقية صغيرة.. رحت بسرعة مسجلها على الموبايل، ودي كانت التيمة اللحنية في الجزء “يا مظلوم ارتاح، عمر الحق ما راح” بس من غير كلمات طبعاً.. مجرد لحن فاضي كده. لما بدأنا نعمل جلسات العمل والمزيكا مع محمود فاروق، افتكرت التيمة دي، فسمعتهاله وقعدنا نفكر إيه الإحساس اللي بتوصله التيمة دي.. المهم لقيت محمود في ساعتها بيدندنها وبيقول “يا مظلوم ارتاح..” وحسيت فعلاً إنها بتوصل الإحساس ده.. اللحن فيه حزن شوية وإحساس بالشكوى..وبدأنا نشتغل.

النص التحضيري لأغنية يا مظلوم.. من الكراسة الخضرا مايو ٢٠١٣

الكلام ده كان في أوائل مايو ٢٠١٣، عشان بس فيه ناس فاكرة إنها لأحداث معينة.. الحقيقة إني وقتها كنت كل اللي بأفكر فيه إن الإحساس بالظلم أصبح جزء أصيل في التركيبة النفسية للمصريين، يعني هتلاقي في كل بيت فيه حد ظالم حد.. في كل شارع.. في كل شركة.. في كل عيلة!

أنا عندي قناعة إن في أغلب الأحوال الظلم ما بيترفعش في الدنيا، والظالم ممكن يعيش حياته بالطول وبالعرض، أما المظلوم ففي الغالب بيفضل حاسس بالقهر طول عمره وبيفضل شايل اللي حصل له ومش مسامح فيه.. لأن لا الناس نصفوه، ولا عرف ياخد حقه بالمحاكم اللي بتقعد بالعشرة والعشرين سنة، وبلاش نهري أكتر من كده كلنا عارفين يعني!

فحسيت إن الأغنية لازم توصل للظالم والمظلوم إن قصتكم مع بعض مش نهايتها في الدنيا دي وخلاص، لكن في يوم هتقفوا فيه قدام رب عادل وهناك هتاخد حقك يا مظلوم، وهتدفع التمن يا ظالم.

طبعاً أغلب المظاليم بيبقوا الناس الغلابة الجميلة والطبقات الكادحة في رأيي، لذلك صممت إن الأغنية تكون واخدة من القماشة بتاعتهم موسيقياً، اللحن، التوزيع.. يكون فيه روح شعبية جميلة بالمفهوم الشعبي الأصلي مش اليومين دول.

النص الأصلي لأغنية يا مظلوم.. من الكراسة الخضرا مايو ٢٠١٣

الكلمات:

زي ما قولت، كلام يوصل للناس العادية خالص ولاد البلد، يحب يسمعه سائقو التاكسي والميكروباص وكده، وفي نفس الوقت حاولنا يكون فيه قيمة.. وده أعتقد إن محمود نجح فيه إلى حد كبير..

ما خدتش مننا وقت كبير في الكتابة.. الكلام واللحن طلعوا مع بعض في القعدات بتاعتنا، طبعاً لو سمعتك شكل القعدات دي بيبقى عامل إزاي هتتفاجئ بمدى التوهان والضياع الفني اللي بنبقى فيه.. انت طبعاً متخيل بقى اننا بنكتب وبنلحن حاجة واضحة كده وجملة على بعضها ويا تعجبنا يا نعمل غيرها… إنما الصراحة يا عزيزي..

احنا بنبقى زي العيال الصغيرة اللي أهلهم اشتروا لهم لعبة Puzzle كبيرة وصعبة، والعيال فتحوا العلبة والقطع اتفرطت في كل حتة، وبيقعدوا بقى ينمّوا ذكائهم واحدة واحدة.. تصدقوا فعلاً ده أحسن تشبيه! إزاي كان تايه عني.. طب اسمعوا وانا راضي ذمتكم.. جايين نهرج والله:

طبعاً معظم الكلام اللي طلع في القعدة دي ما استخدمناهوش، وبعد كذا قعدة استقرينا على النص النهائي.. لكن أثناء التسجيل ساعات بتظهر عيوب في النص ما تقدرش تكتشفها قبل التسجيل وتدخل في الجد.. غالباً بتبقى عيوب في نطق بعض الكلمات اللي لما بتيجي ورا بعضها ما بتبقاش مفهومة.. لما بتقرأ النص بتبقى حلوة وواضحة لكن تيجي تغنيها تلاقيها ضربت منك..

في الأغنية دي كانت نهاية الكوبليه الأول هي المشكلة أثناء التسجيل.. الكلمات كانت “صبرك ده رب كبير.. عليه التدبير ولا بينسى”.. المعنى جميل وكل حاجة.. بس آجي أسجلها وأسمعها لمراتي تقوللي “ايه؟”.. ولما شخص بأثق في ودنه ما يبقاش فاهم الكلام يبقى فيه مشكلة حقيقة.. اضطرينا نغير نهاية الكوبليه ده على سكايب كده والحمد لله ربنا سهلها ورزقنا بنهاية كوبليه أجمل “صبرك ده رب كبير.. عليم وبصير ولا بينسى”

اللحن:

اللحن طالع بشكل رئيسي من بياتي ال”فا” – ودي سكة مش مريحة لعازفين الكمان، وفي الحفلات بنضطر يا إما الكمان يتظبط وينزل التيون بحيث يلعب من سكة بياتي “مي”.. يا إما أنا أنزل الأغنية كلها نص تون وتبقى بياتي “مي” أو أرفعها تون وتبقى بياتي “صول”.. الموسيقيين هيفهموني هنا.

اللحن فيه Bridge بأهرب فيه من البياتي إلى الصبا، وده طبعاً مقام محبوب جداً لغالبية المصريين على الرغم من إنه مقام حزين وغامق.. كان عندي محاولات للBridge مختلفة عن اللي اعتمدتها، لكن ممكن أستخدمهم في أفكار أو أغاني تانية تليق عليهم أكتر.

التوزيع:

إيمري موجولكوش (موزع تركي) عمل فكرة ناجحة في رأيي لتقديم أغنية مفهومة موسيقياً لقطاع كبير من الناس العادية البسيطة.. وده الهدف من الأغنية أصلاً.. استخدم المكونات الشهيرة اللي بتبقى في الGenre ده زي الكمانجات والعود والإيقاع الشرقي.. والBridge خلاه يبقى درامي أوي بالإيقاع (ومسيرنا ف يوم هنتحاكم) صحيح ده مش الشكل اللي كنت أفضله لكن أعتقد أنه مناسب جداً للأغنية وفكرتها.. وده من الحاجات اللي اتعلمتها.. إن مش شرط كل حاجة في الأغنية تعجبك أو تبقى على مزاجك.. الأصل إنها تخدم الهدف من الأغنية وتوصل الإحساس المطلوب.. ده أهم شيء.. حتة تفضيلاتك بقى دي تيجي في الآخر وممكن تتجاوزها لو الهدف متحقق.. فيه فنانين بيستغرقوا في كل جزء في الأغنية، وعايز كل حتة فيها تبقى على حسب هواه ١٠٠٪.. غالباً الأغنية بتاخد وقت ومجهود أطول والنتيجة ممكن تطلع أقل من لو كنت سيبت الموزع والمؤلف والملحن يساهموا بشخصياتهم وأفكارهم ولمساتهم في الأغنية.. ما تخافش طالما الروح واصلة والهدف من الأغنية متحقق.

إيمري لما عمل مقدمة الأغنية كانت أول فكرة جاتله هي الفكرة اللي موجودة حالياً في الCD.. لكن لما سمعتها خفت تكون طويلة شوية على المستمع وبما إننا في عصر السرعة والناس بتتخنق أسرع فقولت له يعمل فكرة تانية أقصر (دايماً بيبقى عندي هاجس إن الأغنية كده طويلة ولازم تقصر.. بخاف جداً اللي بيسمعني يزهق).. وفعلاً عمل فكرة تانية وكنت فعلاً هعتمدها لكن براء خريجي (منتج فني في أويكنينج والمسئول عن إنتاج الألبومات الموسيقية وصديق عزيز جداً) راح للموزع في زيارة عمل لأغنية أخرى.. وبالصدفة سمعه الفكرة الأولى الطويلة.. فبعت لي إيميل وقالي يابني حرام عليك نفسك الإنترو ده جميل جداً ولايق ع الأغنية أكتر.. وقال لي ما تقلقش من طول المقدمة.. الأغنية أصلاً Melo والمستمع عايز يسمع مقطوعات موسيقية تدخله في جو الأغنية.. الصراحة هو كان عنده حق والحمد لله إني ما نشفتش دماغي كالعادة 😀

وده الGuide بتاع المقدمة القصيرة بصوت الموزع (عادة بتبقى الجايدات بالطريقة دي لو حد مستغرب.. وصوتي هنا كان مجرد تسجيل Guide برضه مش نهائي)

الميكسينج

اللي عمل الميكس هو إمرا (أخو الموزع) وبعد ما خلص الميكس بتاعه.. بعت لي كل الSession وأنا ظبطت ميكس الVocal بتاعي وعملت شوية تظبيط هنا وهناك لزوم الوسواس القهري.

كفاية كده عشان أنا نفسي زهقت من الرغي.. يارب أكون فدت أي حد هنا..

أغنية يا مظلوم..